2 أكتوبر 2020

ألهروب من العدم

 بقلم: السید البروجردی، الکاشف فی حقیقة التوحید بلا حدود   

ما تَحتاجُهُ البَشَريّة الیوم، هُو السّلام والراحة وتخفیف التَوَتر . الإِجهادُ وَالصَّدَماتُ المَروعة الناشئة مِن الوقايع والأحداث في الحياة اليوميّة، تهِزُّ الإنسان وتُزعجهُ وَتأزمُ حالتُهُ النَفسيَّة . يَلجَأ الجَمیعُ إلى شيءٍ ما لِعلاج المَخاوِف والحيرة والإرتباك والجهل والعجائب التي تَصطفُّ أمامَ الناس . جزءٌ منها یَخص الأطِباء النَفسيّين وعُلماء النفس وأخِصّائيّین عِلمُ الأعصاب وأطِباء الأمراضِ النفسية الذين إمّا يريدون توفیر العلاج بِالجلسات الأِستِشاریة أو الأَدویة، إجرائاتٌ تُعلن عَن نتائج مؤقته .

في حال إطالة مدة الجلسات العلاجیة، يُجبَر الشخص علی أخذ الدواء بإستِمرار کأنهُ مُدمِنٌ لا يَشعُر بِشيءٍ فالأدوية لیسَت بشافیة و إِن کان فیها نفعٌ، فما کانوا الناس علی هذه الحالة مِن الإِضطِهاد مُنزَعِجین ومُدَمَّرین . نتائج تعاطی الأدوية أو تَفید مؤقتًا أو إذا أُخِذت لمدة طويلة، فقد تَحرِمُ الإِنسان مِن حقِ الإنتفاع وتخفض مِن تحسین أدائه . فهِی أحیانا تَجعل المريض كالميت المتحرك وأحيانًا تجعله نصف انسانٍ أثر التعب والکسالة . فالحدیث مع المریض غالبا لا یُؤدی إلی نتائج ایجابیة! فماذا يريد المستشار أن يقول لمریضه؟ وهل يمكن تغيير واقع الحياة بالجلسات الاستشاریة؟

في هذه الأثناء، تم تشكيل مجموعات وأطياف وطوائف تدَّعی بإمكانها خَلق التهدئة و السلام والإرتیاح . فقد جاءت تلک الفئاةُ أيضًا في ساحة الميدان وجمعت العدید من الناس لإثبات قُدراتها! و‌لکن فی نهایه الأَمر فشلوا القوم في إنقاذ هذا الإنسان المضطر اليائس! العیانُ لا یحتاج الی البیان فأی مِن مؤيدي هذه النظريات يستطيع أن یدعی إنني ذهبت إلى القمر و رجعت بدون اثبات کلامه؟ يَجب رؤية الآثار! الأديان والمذاهب کذلک یوعِدون بالآخرة، إذا فعلت کذا فمأواک الجنة! وإذا فعلت کذا، فستکون فی اسفل الجحيم! أصبحَت هذه الوعود للإنسان المعاصر بلا أهمیة ولا أعتبار . وُعود الأديان والمذاهب أَصبحَت مصداق هذا المثل : " کلامُ اللیلِ یَمحوهُ النهار "  وُعودٌ لیسَت بقادرة علی تقديم أي مساعدة للبشرية وتلبية حوائجهم ومِن ضِمنِها آیة " اُدْعُونِي اَسْتَجِبْ لَكُمْ " .

ما هُو الحَلّ ؟

نَحنُ نرى الحَلّ فی الإنتظار! الانتظار طريق يأخذ المنتظر الی مرکب للوصول الی مقصده، وخلف هذا المرکب حرائق مروعة تتساقط كثوران بركاني! کما شاهدتم في الأفلام السینمائیه، بينما یفر الناس، تتساقط مِن وَرائهِم المواد المصهورة! يُعاني بشر اليوم من مثل تلک المعاناة . نحنُ نمضي خُطواتنا نحو المستقبل . لا شک في حقيقة هذا الموضوع أن بنو آدَمَ قد خَسِروا ماضیهم و نحن کذلک مشتركون مع كل سكان الکره الأرضیة، هکذا یشیر التاريخ بأننا خاسرون! و إنّ قولُ القرآن: " إن الإنسان لَفِي خُسر " حقیقة لا يُمكِن كِتمانها!

ماذا حَقّق آباؤنا وأجدادُنا ؟

عاشوا خمسين سنة او مائة سنة! أكلوا و ناموا و جامعوا و عَمِلوا ثم ماتوا! وماذا كانت النتيجة؟ماذا تركوا لنا؟ ما هو الميراث الذي ورثناه عن أجدادنا؟ ورثنا منهم قصة الجنة والنار!

الوقت الحاضر، هُو زمنُ التفكير و التأمل،

نحن فی مسیرتنا دمَّرنا ماضينا من حيث التشويه والبطلان! دَمرنا جسورا من ورائنا، والآن لقد حان وقت التعقل،

كما يقول القرآن: " اَفَلاَ تَعْقِلُونَ؟ " فهذا یعنی انک لو قرأت كل هذه الآيات بحكمة لما كان الوضع هكذا! في وقت الراهن علينا أن نفكر فيما يجب علینا فعله وكيفية إنقاذ أنفسنا مِن مُستنقع إنعِدامِ الأمنِ والإِضطِهاد ومُضایقات الدَّهر!

الطريقة الوحيدة هي الهروب !

الهروب من هذا الجحيم إلى طریق النجاة کما یُقال: " فَفِروا مِن الله إلی الله " هذا الهَرَب يُسَمى بِالإِنتِظار! عندما أقول بأن المنتظر لا ينبغي عليه السكون والوقوف، لا ينبغي أن يقف مكتوف الأيدي لأجل هذا الموضوع! الإنتظار الذي بَلَّغ عنه الدين، مختلف تماما عن الإنتظار الذي نسعى إليه نحن! الإنتظار المُصرح في الدين یقول قِف مكانك حتى يأتي شخصٌ ما یُنقِذک و یُنجِیک بغض النظر عن الوقت الذی يستغرقه ذلك، فلا حرج فی ذلک، تموت أَنت ويموت أولادُک و مِن ثم أحفادك جیل بعد جیل و هم منتظرون! كما كان آباءنا وأجدادنا وأمهاتنا . منتظرون منذ ألف و ثلاثة مئة عام!

لكن الإنتظار الذي نحن تحت رايته، إنتظار ملیءٌ بِالحَركة والتقدم إِلی الأَمام . علينا كسر الحواجز و إِزالة حُجُب الرؤیة. نحن منتظرون للنيل والوصول إِلى السلام والحرية، والمنتظر لا ينهار فی هذه المسیرة، لماذا؟ لأن الإنسان المنتظر يعلم أنه لیس فی یده حیله ولا یقدر صُنع شیء . أي شخص شعاره "نحن نستطيع" فقد رأينا منهم العجز الشديد لدرجة أنهم لم يترُكوا سُوى العار! نحن نقول: " لا نستطيع و لکن نسعى للقدرة " هذا هو اختلافنا! نقول إننا عاجزون،

أي أن حقيقة الحياة البشرية قد أظهرت عجزها، فهي ليست شيئًا جديدًا تم اكتشافها، نحن نسير باتجاه المعجزة، والمعجزة تسمى " بمسیرة الظهور " والظهور تعني ظهور السعادة والراحة والسلام .

سبتمبر/اکتوبر 2020

ليست هناك تعليقات: